أفريقيا الوسطى.. حان الوقت لكسر الصمت

من المقرر أن نحتقل نهاية هذا الأسبوع بحياة مارتن لوثر كينج وعمله العظيم. وبرغم أننا كلما احتفلنا بحياته التي كرسها لتعزيز المساواة بين الجميع، فإننا كثيرا ما كنا نغفل دعوته لصنع السلام؛ لذلك ينبغي علينا هذا العام, في ضوء الصراع القائمة في سوريا وجنوب السودان، ناهيك عن الحرب الدائرة التي غالبا ما يتم التغاضي عنها في جمهورية أفريقيا الوسطى، أن نتذكر كلماته. في خطابه عام 1967، تحت عنوان “بعد فيتنام – حان الوقت لكسر الصمت” عارض كينج العنف، قائلا: “بالنسبة لي تبدو علاقة “عيسى المسيح” بصنع السلام جلية وواضحة للدرجة التي تجعلني أحيانا أتعجب من هؤلاء الذين يسألونني لماذا أتحدث ضد الحرب, فهل لا يعرفون أن الأخبار الجيدة تعم الجميع, من الشيوعيين والرأسماليين, لأطفالهم وأطفالنا, للأسود والأبيض, للثوريين والمحافظين؟”. إن هؤلاء الذين يدركون تاريخنا الطويل في حركة المستكشفين “سوجورنرز”, يعرفون أننا دوما ملتزمون بالسلام ومعارضين للحروب الظالمة والبحث عن حلول بمنأى عن العنف كلما كان ذلك ممكنا, كما أننا نهدف في كل الأعمال التي نقوم بها، أن نعبر علانية على الأقل عن هؤلاء الأكثر فقرا وبؤسا. لذلك أشعر بالغم والحزن لدى متابعتي التقارير الواردة من جمهورية أفريقيا الوسطى، بسبب ما يعانيه شعبها الذي يبدو أن العالم قد تغافل عنه, فمنذ الإطاحة بمتمردي حركة سيليكا أو تحالفها من السلطة في مارس 2013, انتشرت الفوضى وانعدم الأمن على نطاق واسع, حيث وصف مكتب الشئون الإنسانية التابع للأمم المتحدة الوضع بــ “الأزمة الهائلة”. وبرغم أن حركة التمرد بدأت كائئتلاف قوامه 5 ألاف مقاتل مكون من عدد من الجماعات المتمردة، فإنه يُعتقد الآن أنه قد ارتفع إلى 20 ألفًا, حيث تفيد تقارير موثوق بها بأنه قد تم تجنيد ما يصل إلى 3500 من الأطفال. وعلى الرغم أن حركة سيليكا المتمردة قد تم حلها رسميا في سبتمبر الماضي، فما زالت جماعات حقوق الإنسان مثل منظمة العفو الدولية ومجموعة هيومن رايتس ووتش توثق على نطاق واسع عمليات القتل التعسفي والنهب والسلب والاغتصاب. وبرغم أكثر من خمسين عاما من التعايش السلمي بين المسلمين والمسيحيين, فقد تسبب العنف وعدم الاستقرار في تشريد نحو 400 ألف من المدنيين الذين يفرون من منازلهم ومدنهم, وتجمع المسلمين مع المسلمين والمسيحيين مع أمثالهم, ولا يتحمل وطأة الحرب الدائرة بين الجانبين سوى هؤلاء المدنيين (العديد من الأسر والأطفال). كما أن أسوأ عمليات العنف التي وقعت ضد المدنيين, تلك التي حدثت في 5 ديسمبر حيث قتل 500 شخص في هجوم على العاصمة بانجي, حيث يفترض الخبراء ارتكاب أفظع جرائم حرب, إلا أنه لم يتم توثيق أي شيء, فهناك تقارير تفيد قطع رؤوس الأطفال, بالإضافة إلى انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان بسبب التطهير العرقي والديني. وبرغم الخشية من اجتياح العنف الديني لجمهورية أفريقيا الوسطى في الوقت الحالي, فما زالت الأمال تلوح في الأفق, حيث يتجاوز الرجال والنساء الخطوط الدينية من أجل تعزيز السلام والاستقرار داخل البلاد, ولا سيما بعد الاحتجاجات الشبابية العفوية التي نددت بالعنف والكراهية التي تكاد تعصف بالبلاد. ووفقا لما قاله مايك جوبنز، مدير برنامج أفريقيا للبحث عن أرضية مشتركة, والذي أدلى بشهادته أمام الكونغرس مؤخرا في هذه القضية، فإن “كل يوم، يستيقظ شعب أفريقيا الوسطى العاديون ولديهم رغبة للقيام بشيء لوقف هذا العنف, وقد أصبحت الفرصة سانحة أمامهم بعد تنحي الرئيس, حيث يعمل القساوسة والكهنة والأئمة معا للإصلاح بين مجتمعاتهم, يبدو ان الحلول هناك توجد بين أيدي الشباب والقيادات الدينية، لكنهم بحاجة إلى دعم”. فما الذي يمكننا أن نفعله؟ ولماذا ينبغي علينا أن نكثرت بذلك؟ حتى قبل بدء الأزمة, كانت أفريقيا الوسطى, التي ليس لديها أي صادرات, تحتل المرتبة 180 من قائمة مؤشر التنمية البشرية للأمم المتحدة الــ 187, لذلك فليس هناك سبب اقتصادي أو سياسي الذي يجعل معاناة أفريقيا الوسطى توقظ قلوبنا. بيد أن هذا هو السبب, ينبغي علينا أن نهتم بأتباع المسيح وأهل الإيمان, حيث يقول المسيح “كلما فشلتم في مساعدة الناس، مهما كانت تبدو غير مهمة، فقد فشلتم في فعل ذلك بالنسبة لي”, إن أكثر ما ينتهك مبادئ أخلاقنا الأكثر عمقا عندا فشلنا في التعبير عن الصالح العام للجميع, وليس فقط مجموعات معينة، أو قبائل، أو الطوائف تنتمي إلينا. ينبغي أن يكون أخواتنا وإخواننا الذين يعملون من أجل السلام في جمهورية أفريقيا الوسطى نموذج إلهام لنا للمضي قدما في إيجاد حل أو مخرج لهذه الأزمة, لذلك ينبغي علينا أن نتواصل مع أعضاء الكونجرس ونطلب منهم إعادة فتح سفارتنا, ليس فقط كدليل على دعمنا، ولكن لأن إغلاقها يعوق العمل من أجل السلام في البلاد, كما يجب علينا أن نذكر من يمثلنا من الأعضاء المنتخبين أن أفضل قيمنا تلك التي تخبرنا أن الأطفال, بغض النظر عن البلاد المنتمين إليها, ينبغي حمايتهم من الحرب. لذلك وحتى نهاية هذا الاسبوع، واستلهاما من روح الدكتور كينج، دعونا نتذكر أن السلام للجميع, ونتذكر إخواننا وأخواتنا في جمهورية أفريقيا الوسطى – لقد حان الوقت لكسر الصمت. جيم واليس- رئيس حركة المستكشفين “سوجورنرز”- هافينجتون بوست ترجمة: مرصد الأقليات المسلمةِ
Leave A Reply

Your email address will not be published.