التكريتي لـ المرصد المؤسسات الإسلامية باتت جزءاً من تشكيلة المجتمع

**رئيس تحرير الموقع الالكتروني لـ”مرصد الأقليات المسلمة”.

المشاركة السادسة.. من: هاني صلاح ـ منسق الحوار ـ وتتضمن أربعة أسئلة:

1 ـ بدايةً أستاذنا.. هل يمكن إلقاء الضوء على الخريطة العرقية والجغرافية والاجتماعية لمسلمي بريطانيا، بهدف فهم وضع المسلمين هناك في سياق التطرق للحديث عن مشاركتهم المجتمعية والسياسية داخل المجتمع البريطاني بشكل خاص وفي المجتمعات الأوروبية بشكل عام. المسلمون في بريطانيا حسب إحصائيات عام ٢٠١١ يبلغون قرابة ٢،٨ مليون نسمة أي بحدود ٣،٥ ـ ٤٪ من مجموع سكان بريطانيا. بينما الأرقام غير الرسمية تشير إلى حوالي ٣،٥ مليون مسلم أي بحدود ٥٪. والمسلمون في بريطانيا يتشكلون من كافة الأعراق والثقافات والمذاهب والأصول التي تتواجد في أنحاء العالم، مع كثرة للمجتمعات الآسيوية (الباكستانية والبنغالية على وجه التحديد)، ثم العرب والذين يبلغون قرابة المليون، وهنالك حوالي ٢٥٠ ألف من البريطانيين الأصليين. ميزة المجتمع المسلم البريطاني أنه مجتمع شاب حيث أن حوالي ٧٠٪ منه يقل أعمارهم عن ٤٠ عاما، وهم يشغلون كافة الطبقات الاجتماعية والاقتصادية ويتنوعون في تحصيلهم العلمي وفي الوظائف والحرف التي يمتهنونها. بدأ الآن الجيل الثالث من المسلمين في الظهور وإشغال المساحات المختلفة للبلد، مما يعني أن الوجود الإسلامي وجود أصيل بات يشكل محورا أساسيا من محاور المجتمع البريطاني المعاصر. وبريطانيا فيها أكثر من ٢٠٠٠ مسجد، و٥٠٠٠ مصلى، وهناك العشرات من المؤسسات الإسلامية التي تخدم كل قطاع، ومن أبرزها الرابطة الإسلامية في بريطانيا، ودار الرعاية الإسلامية (الذي تأسس عام ١٩٧٣)، ومنظمة فوسيس FOSIS الطلابية والتي تأسست عام ١٩٦٩، والمجلس الإسلامي البريطاني الذي يعد المظلة الرئيسية للمؤسسات الإسلامية في بريطانيا، وغيرها الكثير الكثير، من ضمنها المؤسسات التي تعمل في حقل النشاط والبحث والتدريب السياسي. كما أن عدد لا بأس بهم من المسلمين وصلوا إلى أعلى مستويات الهرم السياسي والإعلامي والاقتصادي والفني والرياضي، ويكفي الإشارة إلى أن نصف ميداليات الفريق البريطاني في أولومبياد لندن عام ٢٠١٢، حازها مسلمون. 2 ـ في ظل الاختلافات العرقية والفكرية لمسلمي بريطانيا بشكل خاص، ولمسلمي أوروبا بشكل عام.. ما هو السبيل لتوحيدهم في مظلة واحدة تتحدث باسمهم أمام السلطات الرسمية؟ هل هذا الأمر موجود بالفعل.. أو هناك جهود جارية لتحقيقه على أرض الواقع؟ أعتقد أن هدف التوحيد صعب للغاية بل يكاد يكون مستحيلا، بل يمكن القول أن التوحيد لا يعد من الغايات التي تنشد. الأصل هو توحيد الوجهة والهدف والغاية الكبرى وبعدها يسلك كل طرف المسلك الذي يناسبه توجها نحو الغاية. أما جهود تنسيق الجهود وتقليص التكرار وترشيد الموارد ومحاولة استثمارها بشكل أفضل، فهي موجودة ولكنها بحاجة إلى تعميم أوسع وتطوير. من الأمثلة الناجحة في هذا الصدد جهود تنشيط المشاركة السياسية والتي استطاعت أن تجمع ما يربو على العشرة مشاريع تحت ٣ رايات رئيسية تستثمر الجهود المبعثرة وتتشارك بالتفكير وتبادل الآراء والاتفاق على المواقف. الأمل أن تكون مثل هذه الجهود الوحدوية والتنسيقية على مستويات العمل الأساسية والمركزية مستقبلا بعون الله. 3 ـ كيف تصفون لغة الخطاب السياسي/الإعلامي الصادر عن مؤسسات الدولة ووسائل إعلامها في بريطانيا فيما يتعلق بالمسلمين؟وفي المقابل.. هل ترون أن الخطاب الإعلامي/السياسي للمسلمين في بريطانيا على المستوى المطلوب؟ للأسف، الخطاب الذي تتبناه الدولة بمؤسساتها المختلفة والخطاب الإعلامي العام، يعد سلبيا حين يتعلق الأمر بالإسلام والمسلمين، فهو خطاب إتهامي تأجيجي بشكل كبير، كما أنه يتسم بوضع الإسلام والمسلمين في خانة الكائن الغريب والدخيل على الواقع البريطاني، متغافلا (بتعمد أو بجهل) أن المسلمين في بريطانيا منذ أكثر من قرن من الزمن، وأنهم شاركو في بناء وإعمار البلد بل شارك مسلمون في الحروب التي خاضتها بريطانيا وعلى رأسها الحربين العالميتين. ونجد أحيانا بعض التصريحات والتعليقات والمواقف التي تنحى منحى القل والإنصاف ولكنها للأسف الشديد شاذة عن الأصل وهذه من التحديات التي يواججها المسلمون، بل يواجهها المجتمع ككل، حيث أن لمثل هذا الخطاب ثمن باهض نجده في شعور بعض الشباب بالانعزال عن المجتمع وعدم القدرة على الانخراط فيه شعورا بعدم رغبة المجتمع في اعتباره فردا يتمتع بنفس المزايا ويتحمل ذات المسؤوليات حاله كحال أي مواطن بريطاني آخر. وأي مجتمع بشري يشعر طرف فيه بأنه معزول أو ينظر إليه نظرة الدون، سبب رئيسي في عدم استقرار ذلك المجتمع وغياب الأمن والسلم الاجتماعيين وبروز بؤر في داخل ذلك الكيان مما يهدد قدرته على النماء والتقدم. أما الشق الثاني من السؤال حول الخطاب السياسي /الإعلامي للمسلمين، فهو في معرض التطور لمواكبة النشاط والفاعلية والأثر العملي في الساحتين السياسية والإعلامية، فهو بالعموم لا يزال دون الطموح ولكنه قطعا حاز على قدر عال جدا من التطور والنماء خلال العقد الأخير. 4 ـ بشأن: الخطاب الإسلامي.. ومن وجهة نظركم: · ما هى أسس/محتوى الخطاب الإسلامي المطلوب توفرها خلال الحديث أو الحوار مع مؤسسات الدولة وشرائح المجتمع الغربي؟ · هل تعتقدون بأنكم في حاجة إلى إعداد متحدثين رسميين باسم الجاليات المسلمة للتحدث بهذا الخطاب “المطلوب” مع مؤسسات الدولة وشرائح المجتمع الغربي؟ · وما هو السبيل أو الطريقة لإعداد مثل هؤلاء المتحدثون باسم الجاليات المسلمة؟ أ) أي خطاب إعلامي/سياسي للمجتمعات المسلمة في أوروبا عموما، ينبغي أن يحتوي على هذه المحاور: ـ الأمن والإستقرار والسلام: من منطلق الحرص على أمن وسلامة واستقرار ورفاهية المجتمعات التي ينتمي لها المسلم وذلك من منطلق التشريع الإسلامي أولا وقبل شيء ثم من منطلق الإنسانية والشعور بالانتماء لهذه الحاضنة البشرية. ـ المواطنة: منطلق أي موقف هو أن المسلم مواطن وقبل كل شيء وله ما لأي مواطن وعليه ما على أي مواطن آخر وأي تمييز يقع عليه فهو خلاف القانون. ـ القانون: الجميع سواسية أمام القانون والجميع مسؤول عن حمايته وضمانته. ـ الحريات العامة: ومن ذلك حرية التعبير والتفكير والاعتقاد والتظاهر والمعارضة والتنظيم السياسي وسواها مكفولة للجميع ضمن إطار القانون والعرف ولا يصح الحد من أي من هذه الحريات التابعة لأي مواطن مهما كان دينه أو خلفيته الثقافية. ـ المبادىء والقيم الإنسانية: فالمسلم يؤمن بقيم العدالة والحرية والمساواة والكرامة في بلده وفي بلاد الله جميعا دونما استثناء ويرفض الظلم والطغيان والإهانة والتمييز على نفسه وعلى الآخرين أيا كانت ديانتهم أو خلفياتهم وأصولهم، لذا فإن قضايا الظلم والاحتلال والقتل والبطش في بلاد كفلسطين والعراق وسوريا وبورما وبنغلادش من شؤون المسلم البريطاني أو الأوروبي من منطلق واجبه كمواطن وكذلك من منطلق واجباته كمسلم. ـ رفض العنف والإرهاب والإكراه والقسر: وكلها من الوسائل التي يرفضها المواطن المسلم وينشط ضدها أيا كان الفاعل وأيا كانت الضحية. ـ الهوية: الإسلام يشكل جزءا أصيلا وفاعلا من هوية المواطن الأوروبي المسلم، وقيم الإسلام هي قيم حاضرة دوما في حياة ونشاط وعمل وترفيه المواطن الأوروبي المسلم، وليس من ذلك ما يعارض قانونا أو يخالف عرفا عاما. ـ التحرك والمشاركة في إطار القانون: يحق للمواطن الأوروبي المسلم أن يعارض ما يقترح من سياسات وقوانين وقواعد ومواقف وتصريحات بالقول والعمل ضمن إطار القانون، أيا كانت دوافع تلك المعارضة، دون أن يكون لمعارضته تأثير عليه أو على مصالحه وأمنه وسلامته وحقوقه كمواطن، حاله حال أي مواطن آخر. ب) بالتأكيد نعم. ورغم أن السنوات الأخيرة شهدت بروز أصوات ووجوه إعلامية متميزة في كافة أنحاء أوروبا، إلا أننا بحاجة إلى المزيد وبالأخص من فئة الشباب ومن شريحة النساء. وهنالك جهود كبيرة تقوم بها العديد من المؤسسات كما أن منابر إعلامية بدأت في الظهور وفي تشغيل وتدريب وتطوير قابليات الطاقات المسلمة، ولكن يبقى الأمر دون استراتيجية واضحة طويلة الأمد ودون احتضان ورعاية وتدريب مستمر للوجوه المتميزة ودونما خطة واضحة للتأثير على المنابر الإعلامية العالمية الكبرى كي تتبنى هذه الوجوه ضمن قوائم ضيوفهم المعتمدين، وهذا ما سيقفز بالأداء والتأثير الإعلامي المسلم في أوروبا قفزات توعية بإذن الله. ج) لعل في ب) بعض الإجابة على هذا السؤال، ولكن بالقطع فإن الدورات التدريبية والتطويرية مفتاح مهم غير أنه لا يغني عن الممارسة. لذا فالحاجة إلى مزيد تفاعل مع المنابر والمحطات الإعلامية الأوروبية والعالمية المعروفة كي تتولد عن هؤلاء المتحدثين الثقة المطلوبة والدربة العملية التي تمكنهم من احتلال أماكن الصدارة في المجال الإعلامي.

المشاركة الخامسة.. من: إبراهيم العبدالله ـ وتتضمن أربعة أسئلة:

1- كيف تم تعامل المؤسسات الإسلامية مع الإعتداءات التي حصلت في بريطانيا بعد حادثة شارلي ايبدو، والتي طالت مساجد ومؤسسات المسلمين؟ كانت ردود الفعل ممنهجة ومنظمة. وحاولت تلك المراكز والمساجد تحويل هذه الهجمات إلى حالة إيجابية. فالخطوات المنهجية التي اتبعتها تلك المراكز فور وقوع تلك الاعتداءات كانت عبر: 1 ـ الإبلاغ الفوري وتسجيل وتدوين كافة الوقائع والتفاصيل وأخذ الصور أو تفريغ محتويات كاميرات المراقبة والتي تثبت وقوع الاعتداء، ومن ثم التواصل مع الشرطة المحلية لأجل التحقيق في هذه الحوادث والإبلاغ عن أية خسائر أو إصابات. 2 ـ ثم يتم إخبار الإعلام المحلي وتسجيل الواقعة لديه وبعد ذلك تسجيل الواقعة لدى مركز لمتابعة معدلات حوادث الإسلامافوبيا. 3 ـ وفي نهاية الأمر العمل على فتح المسجد أو المركز أمام المجتمع المحلي كي يبدي الأخير تعاضده مع المركز وإدانته لأي اعتداء يقع عليه وتسجيل تأكيده على أن المركز يشكل عمادا رئيسيا للمجتمع المحلي. وهكذا يتحول العمل المشين ضد المسجد أو المركز إلى نقطة إيجابية ترسخ من الوجود الإسلامي في ذلك المجتمع. 2- انطلاقاً من خبرة الجالية المسلمة بما حصل بعد تفجيرات لندن، هل برأيك سيكون هناك أثر ايجابي للحوادث المشابهة لها كحادثة شارلي ايبدو على المسلمين، من حيث إيقاظهم و لفت إنتباههم إلى التقصير الحاصل منهم في اعطاء صورة المسلم الناصعة السمحة، مما يدفعهم هذا إلى مزيد من العمل والمبادرة من أجل إزالة اللبس الحاصل حول الإسلام، و كذلك مزيد من التواصل و إنشاء وتفعيل المؤسسات اللازمة لذلك.. أم أن الأمر لا يجلب سوى البغض و الكراهية ضد المسلمين؟ قطعا، ليس من حادثة تظهر أنها سلبية وذات تبعات وخيمة على المسلمين إلا ويمكن استخراج عدد من المسائل الإيجابية منها، كما تفضلت في سؤالك. فكل حادثة من هذه الحوادث تجلي اهتماما متزايدا بل ومكثفا عن الإسلام والمسلمين، نجد على إثرها الكثيرون ممن يتساءلون عن قضايا أصلية في الإسلام (مسائل في العقيدة والعبادة والإيمان وغيرها) أو تفصيلية (المرأة والإرهاب وغيرها). إلا أننا نرى بأن الخطاب الدائر في صفوف (الضد) بات خطابا حاداً جارحاً، بل وعنصريا في كثير من الأحيان، ولا يقبل جزما في حق أي مجموعة دينية أو إثنية أو ثقافية أخرى. وهذا ما يجعلنا نعمل بالتكاتف مع مؤسسات المجتمع المدني في الدول الأوروبية لمناهضة هذه التوجهات المرفوضة ونجعل المعركة على قيم تدعي المجتمعات الأوروبية الإيمان بها وتطبيقها دونما ريب، ولكنها في الحقيقة تناقض تلك القيم حينما يكون الأمر متعلقا بالإسلام والمسلمين. إذا تكون المعركة هي معركة على القيم الإنسانية العالمية والتي يؤمن بها الإنسان الأوروبي وليست معركة على تفاصيل تتعلق حصرا بالإسلام ولا بالمسلمين. وبالنتيجة، فكلما سادت الحكمة في التعامل مع الأزمات وقام الحاذقون بإدارة المعركة بشكل لا يجعل المسلمين يقفون وحدهم بمعزل عن أشقاءهم في الوطن والقيم الإنسانية (مثل تبني بعض الشعارات الإسلامية المحضة)، كلما وجدنا أن الفائدة المستخرجة من رحم الأزمة الخطيرة أوضح وأكبر وأعم. 3- ماهي أهم الفعاليات أو النشاطات والتحركات التي أقيمت أو سوف تقام من أجل تعريف المجتمع البريطاني بالنبي محمد و بالإسلام الصحيح رداً على اتهام الإسلام بالإرهاب؟ هنالك العشرات من النشاطات التي قامت بها المؤسسات الإسلامية المختلفة في شتى بقاع أوروبا من أجل استثمار الأحداث الأخيرة في التعريف بحقيقة الإسلام وبالخصال السامية للنبي محمد عليه الصلاة والسلام ومنها ما ورد ذكره في إجابة سابقة، بالإضافة إلى طباعة المنشورات وفتح أبواب المساجد والمراكز الإسلامية وإقامة المعارض والمحافل وإقامة صناديق الأسئلة الصريحة وإيراد ما قاله الغربيون في النبي محمد عليه الصلاة والسلام وغيرها الكثير الكثير إما على مستوات بسيطة أو مستويات عالية كإنتاج البرامج والأفلام وهكذا. 4- هل هناك نية أو خطة لإخراج المسلمين في أوروبا و خاصة بريطانيا من دائرة ردة الفعل إلى دائرة الفعل؟ بالتأكيد وليس الآن بل منذ سنوات عدة، ويمكن القول بأننا بدأنا نرى أثر ذلك من حيث المبادرات التي يقدمها المسلمون من خلال مؤسساتهم الفاعلة، ومنها مبادرات سياسية أو اجتماعية أو فكرية أو أمنية أو اقتصادية. بالطبع فالمطلوب أكثر بكثير ولكننا نشهد تقدما ثابتا وأكيدا وإن كان يتسم ببعض البطء في هذا الصدد لقلة استثمار الموارد البشرية المتاحة بجانب قلة الموارد المالية المفرغة لمثل هذه التوجهات.

المشاركة الرابعة.. من: محمد سرحان – مراسل موقع ” علامات أونلاين” في اسطنبول ـ وتتضمن ثلاثة أسئلة:

1 ـ في ظل حرب الكراهية المسعورة ضد المسلمين في الغرب.. كيف استثمر مسلمو بريطانيا الإعلام؟ وهل يمتلكون نوافذ إعلامية للتعريف بسماحة دينهم ورفضه لكل أشكال الترويع؟ للأسف المنابر الإعلامية ذات التأثير في الرأي العام الأوروبي، والتي يملكها أو يديرها مسلمون، غير موجودة. إنما ينتهج المسلمون في إيصال رسائلهم منهج الدخول إلى المنابر الإعلامية الأوروبية الرئيسية، وعلى هذا المستوى يمكن القول أن إنجازاً لا بأس به يتحقق مع الطموح إلى الأفضل بكثير. ولعل هذا الجانب هو من الجوانب التي يحتاج المجتمع المسلم الأوروبي إلي أن يطور جهده فيه، علما أن الجهد الموجود من خلال وسائل الإعلام البديل ومنتديات التواصل الاجتماعي وغيرهما أفضل بكثير وأبعد وصولا وأكثر تأثيرا وعمقا، وهذا الذي ينصرف إليه عنصر الشباب بالأخص وهنالك إبداعات نراها بين الحين والحين وبالأخص عندما تستجد قضايا ساخنة ويدور النقاش العام حول مسائل محددة. وعلى العموم، فعلى وجه التأكيد هنالك جهد جيد يتم إنجازه على صعيد الإعلام؛ وإلا لما بقي الإسلام أسرع الديانات انتشارا في المجتمعات الأوروبية. ولكن لا يزال الصوت المسلم بالعموم منحسر عن الوصول إلى كافة أطراف المجتمعات الأوروبية وبدرجة فاعلية عالي المستوى وهذا ما ينبغي العمل على تطويره. 2 ـ هناك دراسات تقول إن المستقبل في أوروبا للإسلام.. ما مدى صوابية نتائج تلك الدراسات، وهل ما تشهده أوروبا من اتساع دائرة الإسلاموفوبيا هو محاولة لتفادي تحقيق نتائج تلك الدرسات، في حالة صحتها؟ لا أظننا بحاجة إلى الانشغال بمثل هذه الدراسات والاحصائيات، وإن أشارت بشيء نحبه فأهلا وسهلا وإن لم تشر بذلك فنبقى نواصل الليل بالنهار للقيام بواجباتنا نحو أهلينا وجيراننا ومجتمعاتنا المحلية ومن ثم مجتمعاتنا الإنسانية، ويقيننا بالله تعالى أن المنتهى للحق وللصواب. أظن أن علينا تطمين أهلينا من الأوروبيين، لا إخافتهم وبث الذعر فيهم؛ بأننا أحرص الناس ـ وبوازع ديننا الحنيف ـ على أمن وسلامة واستقرار ورقي وتطور المجتمعات التي ننتمي إليها، وأن نفند بالفعل قبل القول، من مزاعم العنصريين بأن الإسلام خطر ينبغي التحوط منه أو أن المسلم عنصر سلبي. كما أن علينا أن نبث مفهوم أننا لدينا ـ كمسلمين نحمل منظومة قيم سامية ـ حلولا للمشاكل السياسية والاجتماعية والاقتصادية والفكرية وغيرها التي تعاني منها المجتمعات الأوروبية وبذلك نثبت قيمتنا الحقيقية كمسلمين لهذه المجتمهات ومستقبلها. وبعد ذلك، لا يهم من يسود من يصبح هو الأكثر عددا أو مكنة، شرط أن تسود القيم السامية والأخلاقيات التي تكرس إنسانية الإنسان وصلاحيته لإعمار الأرض. 3 ـ كيف ينظر المواطن البريطاني للإسلام وهل يعرف عنه شيئا من الأساس؟ وإن كنت ألتمس العذر للمواطن الغربي فهو يرى معظم البلدان الإسلامية إن لم تكن كلها مجتمعات فقيرة غير منتجة تعيش عالة على العالم فالتكنولوجيا والاختراعات الحديثة والعلوم المتنوعة كلها باتت صناعات غربية؟ بالعموم، فالمواطن البريطاني معتاد على أن يرى مجتمعه متنوع الجنس والعرق والثقافة والدين، والمجتمع البريطاني يقوم على فكرة الـ Multiculturalism أو التعددية الثقافية. كما أن من المهم جدا الإشارة وبشكل مستمر إلى أن الإسلام وطئ أرض بريطانيا منذ ما يربو على قرن من الزمن، وليس مؤخرا وكأنما المسلم ضيف أو غريب أو حالة مؤقتة. وهذا كله يجعل العلاقة بين المجتمع البريطاني والإسلام أو المواطن المسلم علاقة طبيعية تقوم على مفهوم التعايش والاحترام المتبادل. غير أن بعض الحوادث التي تبرز المسلم بشكل سلبي تؤثر على هذا المنظور بلا شك، مما يتطلب جهداً مضاعفاً من قبل المسلمين كي يستطيعوا رأب الصدع الذي تصنعه مثل هذه التصرفات والتغطية الإعلامية المغرضة والمسيئة لبعض قطاعات الإعلام ومن ثم المواقف السياسية السلبية للبعض أملا في تحقيق مكاسب سياسية. كما أن العلاقة بين المجتمع المسلم في بريطانيا وبين المجتمع البريطاني ككل هي حالة (حوار ونقاش مستفيض) وذلك حول قضايا محورية بعضها يتعلق بالمجتمع البريطاني نفسه بل وبريطانيا كبلد وحكومة ونظام حكم وسياسة داخلية وخارجية. لذا رأينا أكبر التظاهرات المناهضة للحرب في العراق مثلا وللسياسات البريطانية الداعمة للاحتلال الصهيوني في فلسطين، وضد الإسلامافوبيا وغيرها الكثير من القضايا الهادلة، رأيناها تنطلق من بريطانيا ومن قلب العاصمة لندن. كما وجدنا في جل هذه التظاهرات الشعبية أن غالبية المتظاهرين هم من غير المسلمين، مما يدل أن المجتمع المسلم البريطاني نجح نجاحا متميزا في تشكيل تحالفات تمتد إلى عمق المجتمع البريطاني ومع مختلف شرائحه. والأمر نفسه يمكن أن يورد كمثال على الامتداد ضمن المؤسسة السياسية والتشريعية والإعلامية وغيرها. وفي حال النظر في العديد من الدول الأوروبية الأخرى كفرنسا وألمانيا والسويد والنمسا والدنمارك وغيرها الكثير، فسنجد أمثلة رائعة للأثر الذي يحدثه المسلمون ولأصالة المشاركة والمساهمة ضمن واقع المجتمع الأوروبي. أما عن الانطباع السائد عن الإسلام والمسلمين، فمما لا شك فيه أن العامة متأثرين بما يورده الإعلام وبما يرد إليهم من خلال ما يتابعونه في نشرات الأخبار، وجل ذلك سلبي للأسف الشديد مما يضاعف العبء الواقع على المواطن الأوروبي المسلم وعلى المؤسسات الأوروبية الإسلامية كي تصحح من ذلك الانطباع.

المشاركة الثالثة.. من: خالد الأصور ـ كاتب وباحث إعلامي مصري.

كيف يمكن التغلب على العوائق التي تحول دون تشكيل لوبي إسلامي في أوروبا على غرار اللوبي اليهودي. وخاصة في ظل تنامي أعداد المسلمين بما يزيد عن أكثر من مائة ضعف مقارنة باليهود؟ الحقيقة أن هذا الأمر يشكل خطوة إستراتيجية طال انتظارها ولا ينبغي تأخيرها. غير أن لي ملاحظة على قضية العدد الذي تفضلت بذكره وهو صحيح والنسبة أيضا قريبة من الصحة، ولكن التأثير السياسي يكاد لا يتعلق بالعدد والنسب المئوية إلا بقدر ضئيل جداً. الوجود المسلم في أوروبا وجود حيوي إيجابي لكافة الأطراف، لا سيما المجتمعات والحكومات الأوروبية، وذلك لعدة أسباب على رأسها أن العنصر المسلم عنصر غير منعزل عن محيطه بل مندمج معه أيا كان لونه وخلفيته ومذهبه. كما أن العنصر المسلم تربطه بالعالم الإسلامي روابط وثيقة مما يؤهله أن يلعب دور السفير والممثل والوكيل عن أوروبا في الميادين السياسية والاقتصادية وغيرها. مؤدى ذلك أنه بات من الملح أن يلعب المسلم دوراً مؤثراً في صناعة مستقبل مجتمعه الأوروبي، وذلك بترتيب أولويات المجتمع المسلم منسجماً مع مصلحة المجتمع ككل، وبعده إحتلال مواقع مؤثرة في كافة أرجاء المجتمع، وعلي كل صعيد والتواصل مع دوائر التأثير وصناعة القرار وتشكيل الرأي العام. غير أن هذا كله لن يؤتي أكله ما لم يثبت المجتمع المسلم قيمته وثقله في توازنات المجتمعات الأوروبية قاطبة، وذلك حتى يحسب لقضاياها ولمصالحها حساب لدى السياسيين وغيرهم.

المشاركة الثانية.. من: أحمد محمود التلاوي ـ باحث مصري في التنمية السياسية ـ وتتضمن سؤالين:

1 ـ ما هي درجة تماهي المنظمات الإسلامية الرسمية في دول أوروبا مع استراتيجيات مكافحة الإرهاب التي بدأت تأخذ منحىً جديدًا في هذا التوقيت بعد التوترات الأخيرة في فرنسا وبلجيكا وألمانيا؟ الواقع أن المؤسسات الإسلامية في معظم دول أوروبا باتت جزءاً أصيلاً من تركيبة وتشكيلة المجتمع الأوروبي، وذلك من حيث أن العديد منها نشأ منذ عقود من الزمن قدم طوالها خدمات عظيمة للمجتمعات المسلمة حصراً في أول الأمر، ومن ثم تحول نوع عطاءها حتى أصبحت تقدم خدمات للمجتمعات الأوروبية بكافة أطيافها، وإن كان هنالك ضعفاً ولا شك في الترويج لمثل هذه الإنجازات. والمؤسسات الإسلامية بالعموم تدرك التحدي الهائل الماثل أمامها كي تثبت أهميتها وقيمتها النوعية لمجتمعاتها الأوروبية في ظل هجمة إعلامية مسعورة مدعومة بمواقف سياسية داخلية وخارجية تعاني من ضعف بل من فشل مما يعزز من الأصوات القادمة من أطراف اليمين والتي تكرس الفرقة والتمييز والانقسام بل والكراهية. أما من حيث التماهي، فهو من بين التحديات الواقعة على كل الأطراف ومنها المجتمع الأوروبي ذاته، فكيف يكون التماهي الإيجابي ضمن حاضنة رافضة للفكرة من حيث الابتداء وتمارس سياسات تناقض من تلك المساعي؟ ولكن الجهود على صعيد التعليم والتثقيف مع مواصلة العمل لأجل إثبات أن العنصر المسلم إنما يشكل صمام أمان للمجتمعات الأوروبية، تبقى هي الأعلى صوتاً والأعمق أثراً. 2 ـ كيف ترون موقف الحكومات من ملف الوجود الإسلامي في أوروبا في الوقت الراهن؟ يعد الموقف الحكومي في أكثر الدول الأوروبية مرتبكا شيئا ما، حيث يتردد بين القناعة الراسخة بأن الوجود الإسلامي يقع ضمن بوتقة الأمن القومي لدول أوروبا ومستقبلها ومصالحها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وبين الخوف من أثر ارتفاع منسوب التعاطف مع أحزاب وسياسيات اليمين مما قد يكلفها أصوات ناخبين عند الانتخابات. فنجد تردداً وتلكئا في تقديم الدعم الكامل للمجتمعات المسلمة في وجه الحملة التي تدفع بها بعض الأطراف، وبين استخدام المجتمع المسلم لأجل مكافحة مظاهر التطرف والإرهاب وكذلك لأجل بناء جسور العلاقة والتبادل التجاري والاقتصادي مع العالم الإسلامي. بالعموم فمجرد اعتبار الوجود الإسلامي ـ والذي بات له الآن فوق القرن من الزمان ـ كحالة إشكالية إنما يعبر عن فشل الحكومات الأوروبية في التعامل مع هذا الملف بشكل إيجابي يحقق من خلاله مصالح استراتيجية لا تقدر بقيمة ولا بحجم وتحقيق حالة من السلم الاجتماعي والاستقرار الداخلي الداعم للازدهار والنمو على كل صعيد.

المشاركة الأولى.. من: سامر إسماعيل ـ مترجم صحفي ـ القاهرة..

هل تسمح أوروبا بوصول عدد المسلمين هناك إلى أكثر من 60 مليون، بحلول 2030م.. أم ستسعى للحيلولة دون ذلك.. وما هي البدائل لدى المسلمين؟ لا أعتقد أن بيد أوروبا، ولا المسلمين أنفسهم، التحكم في أعداد المسلمين أو سواهم، إما من حيث التكاثر في العدد، أو الهجرة، والتنقل بشكل طبيعي. وهذا مما يخيف بعض الأطراف الأوروبية وسواهم، حيث يعتقدون أن ذلك سيؤثر على الصبغة الأساسية لأوروبا وطبيعتها الأصيلة وما يطلقون عليه (منظومة القيم الأوروبية). هذا باعتقادي خطأ كبير؛ فالمسلمون في نهاية المطاف أوروبيون يضيفون إلى الواقع الأوروبي ويثرونه ويعملون على المشاركة في تطويره وتهذيبه وتحسينه، جنبا إلى جنب مع شركاءهم في الوطن من غير المسلمين.

مرصد الأقليات المسلمة ـ mam ـ خاص أدار الحوار: هاني صلاح

بهذه الكلمات أكد الدكتور “أنس أسامة التكريتي”، رئيس ومؤسس مؤسسة قرطبة لحوار الثقافات في لندن، ورئيس مجلس شورى الرابطة الإسلامية في بريطانيا، على أن مسلمي أوروبا ومؤسساتهم لم تعد حالة طارئة عابرة وإنما تحولت عبر عقود من الزمان إلى أن تصبح جزء من واقع المجتمع الأوروبي وتشكل جزء من هويته الثقافية المتعددة. جاء ذلك في سياق حوار: (مسلمو أوروبا.. وتحديات المشاركة المجتمعية والسياسية)، وهو الحوار الرابع لعام 2015، ضمن سلسلة حوارات أسبوعية يجريها موقع “مرصد الأقليات المسلمة” بشأن الأحداث والمستجدات التي تتعلق بالأقليات المسلمة في العالم، كما تلقي الضوء على واقع المسلمين حول العالم، وأبرز التحديات التي تواجههم. يشار إلى أن الدكتور “أنس التكريتي”، من مواليد العراق في عام ١٩٦٨، مقيم في بريطانيا منذ ١٩٧٠، وحاصل على شهادة ماجستير في علوم الترجمة والترجمة الفورية، كما يحمل الدكتوراه في العلوم السياسية من جامعة وستمنستر بلندن، وهو محاضر دولي ومعلق إعلامي وكاتب لعدد من المنابر الإعلامية باللغتين العربية والإنجليزية، ومفاوض لإطلاق سراح رهائن. وإلى الحوار..

 

Leave A Reply

Your email address will not be published.