في خضم احتفال العالم بـ”اليوم العالمي لمناهضة تعسفات الشرطة”، الذي يُوافق 15 مارس، لن تسمع كثيرًا عن واقع الأقلية المسلمة؛ التي تُعاملها الشرطة دوما باعتبارها مدانةً حتى تثبت برائتها- وهو ما لا يثبت أبدًا- لتحيا محاصرة تحت سيف الاتهاماتٍ المسبقة، والشكوك التي لا أساس لها، بينما لا تؤخذ الانتهاكات التي تحدث بحقها على محمل الجد، وربما توضع الرؤوس حيالها في الرمال. ففي الولايات المتحدة الأمريكية تقوم الشرطة بالتعاون مع وكالة الاستخبارات الأمريكية (سي آي إيه) بعمليات مراقبة دائمة للمسلمين في المساجد والمدارس والجامعات، وتجسسٍ حتى على الهواتف المحمولة والحسابات الإليكترونية، وداخل جامعات عدد من الولايات على رأسها نيويورك وكاليفورنيا ونيوجيرسي، وذلك بحجة “مكافحة الإرهاب”؛ الأمر الذي أثار غضب المسلمين– أفرادًا ومنظمات– معتبرين ذلك مناقضًا للحريات التي تعلن أمريكا حمياتها، ودفعهم للجوء إلى للقضاء؛ لكنه بدوره صدق على ممارسات الشرطة معتبرًا ذلك “أمرًا مشروعًا”. وعلى مستوى أوروبا وأستراليا يشتكي الكثير من المسلمين من إجراءات تمييزية: عمليات التفتيش المشددة داخل المطارات، والتوقيف المتكرر على الطرقات بسبب هويتهم، أو ملابسهم، كما أنهم يشعرون في أماكن عملهم بعدم الارتياح؛ لشكوكهم بوجود من يراقبهم، لدرجة أن بعضهم اضطر لإغلاق محاله التجارية في إيطاليا وفرنسا خلال العام المنصرم لكثرة تردد عناصر الشرطة عليها. من ناحية أخرى؛ تضع الشرطة رأسها في الرمال كلما حدثت انتهاكات ضد المسلمين؛ حيث تحقق فيها بنوع من الفتور، باعتبارها مجرد أمور عادية؛ كما حدث في مقتل مسلمة “شهيدة الحجاب” داخل محكمة بألمانيا، حيث حكم فيها على أنها قتل خطأ، وقضية الشيخ الأزهري الذي هوجم داخل مسجده في لندن طُويت، ولم يصدر فيها حكم رغم أن الشيخ فقد بصره، بل لم يصدر قرار بعلاجه، وفي أكثر من منطقة في فرنسا والدانمارك دنست مقابر المسلمين أكثر من مرة؛ ولم تتوصل الشرطة للجناة رغم مرور أشهر على هذه الحوادث وربما سنوات. لا يقتصر الأمر على تدنيس المقابر، وعجز الشرطة عن التوصل للجناة، بل تمتد الانتهاكات للمساجد؛ ففي فرنسا سجّل العام المنصرم ما يزيد على سبع عمليات اعتداء على مساجد لم يظهر بشأن واحدٍ منها أي نتيجة تحقيق حتى الآن، وفي بلجيكا ثلاث عمليات توصلت الشرطة للمعتدين عن طريق كاميرات مراقبة واحتجزتهم لوقت ثم أفرجت عنهم. وطبقًا لتقرير حقوق مسلمي بلجيكا الصادر مؤخرًا عن تقييم عام 2013 فإن ثلاثة فقط من كل عشرة يرون أنهم لو أبلغوا الشرطة بما يتعرضون من عمليات تمييز بسبب دينهم أو مظهرهم فإن الشرطة ستجلب لهم حقوقهم، بينما يفقد الباقون الثقة في العدالة؛ ما يجعلهم يعزفون عن الإبلاغ عما يتعرضون له من مضايقات. أما مداهمة المساجد من الشرطة فهو أمر شائع؛ بحجة البحث عن مشتبهٍ بهم في التخطيط لعمليات إرهابية، وهو ما تكرر خلال السنوات القليلة الماضية في السويد وفنلندا وبلجيكا وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا وأستراليا وغيرها. في المقابل تبرز بعض النقاط الإيجابية فيما يتعلق بعلاقة الشرطة بالأقلية المسلمة، مثل كندا التي فتحت باب “الخيالة الملكية” أمام المسلمين مؤخرًا للانضمام إلى صفوفها، كما أقرت السلطات بمقاطعة “ألبرتا” في ديسمبر الماضي بالسماح للشرطيات بارتداء الحجاب على عكس مقاطعة “كيبيك” التي تقضي بمنع ارتداء الحجاب في الأماكن العامة. ورغم ذلك توجد شكاوى في بعض مطارات كندا من إجراءات تفتيش مبالغ فيها، بحق المسلمين فقط.