إن تأكيد منظمة العفو الدولية على فشل قوات حفظ السلام الدولية في منع عمليات الإبادة الجماعية ضد المسلمين العزّل، والتي اعترف بوقوعها السيد أنطونيو غوتيريس، رئيس المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة؛ يجعلنا ننظر بعين الريبة إلى العجز الدولي عن إنقاذ أرواح الأبرياء، الذين هم ليسوا طرفا لا في معركة دينية ولا صراع سياسي. ولكننا- في المقابل- نعتبر الدول والمنظمات العربية والإسلامية، خاصة الإفريقية، هي الأولى بالتحرك؛ لإنقاذ ما تبقى، وإصلاح ما يمكن إصلاحه. ورغم اعترافنا بصعوبة أوضاعها الداخلية، وضعف أدوات تأثيرها خارجيًا، إلا أنه مع توفر الإرادة السياسية يمكن تجاوز الكثير من العقبات. إننا نهيب بكافة الجهات الإنسانية والإغاثية أن تمد يد العون للنازحين، على اختلاف أديانهم وانتماءاتهم، ونثمّن الدور الذي تلعبه بعض الجهات حاليا رغم الظروف الميدانية الخطيرة والصعبة التي تشهدها البلاد. ونطالب كافة الجهات المعنية بالتحرك بجدية وسرعة لوقف هذه المذابح، بما يتوافق مع القوانين والأعراف الدولية التي تُجَرِّم الإبادة الجماعية والتهجير القسري- أيًا كان مرتكبها- وعدم الاكتفاء بوجود بعثة دولية مكوّنة من المئات، لا تستطيع القيام بالكثير في بلدٍ مترامي الأطراف تزيد مساحته عن نصف مليون كم2، لا سيما وأنها تفتقر إلى كثير من الدعم اللوجيستي. إننا– وبكل قلق- نحذّر من المجاعة التي تشير كافة المؤشرات إلى كونها وشيكة مُحدِقة بسكّان أفريقيا الوُسطى؛ سواء بسبب الظروف المهدّدة للموسِم الزراعي الذي يعتمد عليه 75% من السكان لتوفير الطعام والدخل، أو لاستنفاذ احتياطي المواد الغذائية في البلاد تقريبا؛ نتيجة انخفاض إنتاج المحاصيل في عام 2013، ما أدى إلى توافر وجبة واحدة فقط في اليوم لمعظم السكان خارج العاصمة، هذا إذا حالفهم الحظ، وكلها مآسٍ وثقتها منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو). وإننا إذ نتطلع إلى حلٍ دائمٍ وعادلٍ لهذه الكارثة الإنسانية، نذكّر الجميع بأن هذا البلد المنكوب، رزح لأكثر من ثلاثة عقود بعد الاستقلال، تحت نيرِ حُكَّام غير منتخبين تولوا السلطة بالقوة؛ لنؤكّد أن المستقبل يحتاج إلى رؤية مغايرة تماما عن أساليب الماضي، بدلاً من الانقلابات والدماء التي تنادي أخواتها.