تعرض جوتوديا لانتقادات شديدة داخليًا وخارجيًا بسبب متمردي “سيليكا”، فأعلن خروجه من تنظيمهم، ثم تبعه بحل التحالف في 13 سبتمبر 2013، وعمل على دمجهم في الجيش، لكن الأمر لم يفت في عضد “سيليكا” التي شعرت أن “جوتوديا” استغلها ثم غدر بها؛ فواصلت استهداف المسيحيين في مناطق عدّة ما استدعى تدخل قوات بعثة حفظ السلام لنزع سلاحهم.نتيجة لسوء حالة البلاد واتساع فجوة العنف والضغوط الإقليمية على جوتوديا؛ وخاصة من الرئيس التشادي ديبي لجأ جوتوديا إلى بنين بناءً على اتفاق مع المجموعة الاقتصادية لدول وسط إفريقيا (إيكاس)؛ والتي تضم عشر دول، حيث أعلن استقالته في 11 يناير من العام الجاري.. تاركًا وراءه إفريقيا الوسطى غارقة في بحرٍ من الدماء!
10 أشهر هي مدة حكم “جوتوديا”، لكنها لم تكن مجرد 10 أشهر؛ حيث ساءت الأحوال الاقتصادية في بلد يمتلك آبار نفط وثروة معدنية قوامها الماس والذهب والفضة ويشتهر بالزراعة. فمن فساد ومحسوبية وسلطوية في عهد “بوزيزي” إلى فقر مدقع وغضب عارم وفوضى وعنف اضطر ما يزيد على مليون شخص– أغلبهم مسلمين- للنزوح خارج إفريقيا الوسطى، أو للعيش في مخيمات هربًا من ميلشيات “أنتي- بالاكا”، التي قررت الانتقام من خطوة جوتوديا في شخص سكان البلاد المسلمين البالغ عددهم حوالي 20% من إجمالي السكان.
الاحتكام للسلاح
لكن نتيجة لممارسات متمردي “سيليكا” ضد المسيحيين، فضلاً عن انقلابهم ضد الرئيس “بوزيزي”، اندلعت موجات غضب في إفريقيا الوسطى في خطين متوزيين؛ الأول: موجات الاعتراض السلمي المتمثلة في مظاهرات رافضة لانقلاب 24 مارس 2013، وبيانات حملت توقيع “جبهة عودة النظام الدستوري في إفريقيا الوسطى” (فروكا) واصفة ما حدث بالمهزلة ومعلنة أنّ “قسم اليمين هذا غير شرعي لأن “جوتوديا” لا يدين بمركزه إلا لبنادق الكلاشينكوف والمرتزقة الأجانب”، بينما الخط الثاني هو ظهور ميلشيات “أنتي- بالاكا” المسيحية التي استهدفت المدنيين المسلمين بالقتل والتهجير والنهب في محاولة لإسقاط انقلاب “جوتوديا”.
استغل جوتوديا متمردي “سيليكا” البالغ عددهم حوالي 25 ألف مقاتل، وأعلن انقلابه على الرئيس “بوزيزي” في 24 مارس 2014 مشكّلاً مجلسًا وطنيًا انتخبه لاحقًا في محاولة لإضفاء شرعية على حكمه الذي حُدِّدت نهايته بإجراء انتخابات رئاسية في 2014، وأقسم اليمين على “الميثاق الانتقالي” ليصبح الرئيس الخامس لجمهورية إفريقيا الوسطى خلفًا لفرانسوا بوزيزي.علق “جوتوديا” العمل بالدستور، وحل الحكومة والجمعية الوطنية، وأعاد “تيانكاياه” رئيسا للوزراء بعد لقائه بكبار قادة الجيش والشرطة الذين اعترفوا به رئيسًا، ولتأمين نفسه احتفظ بحقيبة وزارة الدفاع. وحضر حفل التتويج في الجمعية الوطنية الرئيس الكونغولي دنيس ساسو نغيسو، والتشادي إدريس ديبي.
قصة الصعود
عُيِّن جوتوديا زعيمًا لمتمردي “سيليكا” بعد إعلان تحالف فصائل المعارضة توحيد الجهود ضد “بوزيزي” في 2012م، جالبين معهم مرتزقة سودانيين وتشاديين، وقادمين من أقصى الشمال المهمش، إلى المدن الرئيسية، وعلى رأسها العاصمة بانغي، ليقودوا موجات عنفٍ ضد الحكومة ومصالح الأغلبية المسيحية.
زعيم لأحد أبرز فصائل المتمردين في إفريقيا الوسطى، ثم زعيم تحالف المتمردين سيليكا ، ثم رئيس للبلاد إثر انقلاب قاده بنفسه، ثم إلى بنين منفيًا بعد فشله في احتواء الأزمات.
المحطات السابقة هي أبرز مراحل حياة أول رئيس مسلم لجمهورية إفريقيا الوسطى، والذي سمّى نفسه ميشيل جوتوديا بدلاً من “محمد ضحية” مستغلاً تحالف متمردي “سيليكا” الذي يضم خمس فصائل معارضة للرئيس السابق فرانسوا بوزيزي ليقود انقلابًا ضده في 24 مارس 2013، ويُنصّب نفسه رئيسًا لبلدٍ يمثل المسيحيين 80% من إجمالي سكانه.